الشاعرة السعودية ثريا قابل: ما قصة ديوانها الشهير؟
ثريا قابل هي إحدى أبرز الشاعرات السعوديات التي تركت بصمة واضحة في الساحة الأدبية العربية. معروفة بقصائدها التي تعكس مشاعرها الصادقة وأفكارها العميقة، استطاعت أن تثير اهتمام القراء والنقاد على حد سواء. على الرغم من أنها بدأت مسيرتها الأدبية في فترة كان الأدب النسائي فيها لا يزال محدودًا، إلا أن ديوانها الشهير كان نقطة تحول في مسيرتها، وكان له دور كبير في تعريف الجمهور بالشعر النسائي السعودي والعربي. لكن ما هي قصة ديوانها الشهير؟ وكيف أثرت ثريا قابل في الشعر العربي؟

1. نشأة ثريا قابل
ولدت ثريا قابل في مدينة جدة في المملكة العربية السعودية في عام 1945، وتربت في بيئة محافظة تعلي من قيمة الأدب والشعر. كان والدها من الشخصيات المثقفة التي تحب الشعر والأدب، ما جعلها تنشأ في بيئة تشجع على التفكير النقدي والإبداع الأدبي. من هذا المناخ الأدبي، بدأت ثريا قابل في تطوير موهبتها الشعرية منذ سن مبكرة، وكان لها أول ديوان شعري لها وهو “غربة وطن”.
2. ديوان “غربة وطن”
يعد ديوان “غربة وطن” الذي أصدرته ثريا قابل في عام 1983 أحد أهم أعمالها الأدبية وأكثرها شهرة. يختلف هذا الديوان عن العديد من دواوين الشعر النسائي في ذلك الوقت، حيث تميزت قصائده بالصدق العاطفي والصدق الفكري. لقد عبّرت الشاعرة في هذا الديوان عن مشاعرها الخاصة تجاه الوطن، والعائلة، والذكريات، وعلاقتها بالمدينة التي نشأت فيها، جدة.
لكن ما يجعل هذا الديوان مميزًا ليس فقط موضوعاته، بل أيضًا الأسلوب الشعري الذي استخدمته قابل. كانت قصائدها تتميز ببساطتها، ولكن مع عمق في المعاني وثراء في الصور الشعرية. استخدمت لغة سلسة وواضحة كانت تصل إلى قلب القارئ، وتنقل له مشاعر الفقد والحنين والاشتياق.
3. التفاعل مع الديوان
على الرغم من أن المجتمع السعودي في الثمانينات كان يشهد تغييرات كبيرة في مختلف المجالات، إلا أن الأدب النسائي كان لا يزال في مرحلة النمو، وكانت مشاركة النساء في المجال الأدبي محدودة. ديوان “غربة وطن” كان بمثابة إعلان قوي لوجود الشاعرات السعوديات في المشهد الأدبي، وتأكيد على أن المرأة السعودية قادرة على التعبير عن مشاعرها وأفكارها من خلال الأدب.
تفاعل القراء مع هذا الديوان بشكل إيجابي. فقد لقيت قصائد ثريا قابل إشادة كبيرة من قبل النقاد والمثقفين. كما أن الديوان نال إعجاب العديد من القراء الذين وجدوا فيه صدى لمشاعرهم وتعبيرًا عن همومهم الخاصة. قصائد مثل “ذكريات من الماضي” و”غربة في الوطن” نالت شهرة واسعة بسبب قدرتها على نقل مشاعر الاغتراب والوحدة في ظل التغيرات الاجتماعية والثقافية التي كانت تمر بها المملكة في ذلك الوقت.
4. موضوعات الديوان
يتناول ديوان “غربة وطن” العديد من المواضيع التي تعكس تجربة الشاعرة الذاتية والعامة في آن واحد. من أبرز هذه المواضيع:
-
الحنين إلى الوطن: عبرت ثريا قابل في العديد من قصائدها عن حنينها العميق إلى وطنها وأرضها. كانت كلماتها مليئة بالذكريات والشعور بالفقد، وهي تعبر عن علاقة إنسانية عميقة مع المكان.
-
الاغتراب الداخلي: كما أنها لم تقتصر على الحديث عن الحنين للمكان فقط، بل تناولت أيضًا معاناة الاغتراب الداخلي الذي يعيشه الكثير من الأفراد في المجتمع السعودي. هذا الاغتراب كان ناتجًا عن التغيرات الثقافية والاجتماعية، والصراع بين التقليد والتحديث.
-
المرأة والمجتمع: تناولت ثريا قابل في ديوانها أيضًا قضايا المرأة وتحدياتها في مجتمع كان ما يزال في مرحلة تحولات. استخدمت الشعر كأداة للتعبير عن قضايا المرأة ومشاعرها تجاه المجتمع الذي يعيش فيه.
-
الذاكرة والتاريخ الشخصي: العديد من قصائد الديوان تتطرق إلى الذكريات الشخصية والشعور بالحنين إلى الماضي، والبحث عن الهوية في ظل الأحداث التاريخية المتسارعة.
5. تأثير ثريا قابل في الشعر العربي
لم يكن ديوان “غربة وطن” مجرد عمل أدبي فحسب، بل كان أيضًا علامة فارقة في مسيرة الأدب النسائي العربي. فقد استطاعت ثريا قابل أن تضع بصمتها على الشعر العربي وتغير نظرة المجتمع إلى الشعر النسائي بشكل عام. بفضل قدرتها على التعبير عن المشاعر الإنسانية بصدق وبأسلوب شعري مميز، أصبحت قابل واحدة من أهم الشاعرات في الوطن العربي، ومنحها هذا الكتاب مكانة مرموقة بين الأدباء والمثقفين في المنطقة.
إن نجاح ديوان “غربة وطن” في نشر رسالة الشاعرة قد أتاح لها الفرصة للتفاعل مع العديد من القراء والمثقفين على مستوى العالم العربي، وفتح لها أبوابًا للمشاركة في مهرجانات شعرية وفعاليات أدبية دولية.
6. الثناء والانتقادات
رغم النجاح الكبير الذي حققته ثريا قابل بديوانها، إلا أنها لم تسلم من بعض الانتقادات التي طالما وجهت إليها. اعتبر بعض النقاد أن أسلوبها في بعض القصائد كان يقترب من البساطة المفرطة، في حين اعتبر آخرون أن الموضوعات التي تناولتها كانت سطحية بعض الشيء. ولكن، بشكل عام، لم يؤثر ذلك على مكانتها الأدبية، بل ساهم في زيادة الاهتمام بديوانها وتوجيه الأنظار إليها.
7. استمرار تأثيرها
بعد إصدار “غربة وطن”، استمرت ثريا قابل في كتابة المزيد من الأعمال الشعرية التي أثرت في الأدب العربي. وعلى الرغم من مرور عدة عقود، لا يزال ديوانها الشهير يشكل علامة بارزة في الأدب النسائي العربي، ولا يزال يحتفظ بمكانة كبيرة بين القراء والنقاد.
ثريا قابل، التي حطمت القيود التقليدية في عالم الشعر النسائي، تركت إرثًا أدبيًا لا يُنسى. كان ديوانها الشهير بمثابة جسر يربط بين التجربة الذاتية للشاعرة وبين معاناة الأفراد في المجتمعات العربية، وقد أثبتت من خلاله أن الشعر يمكن أن يكون أداة قوية للتعبير عن القضايا الاجتماعية والثقافية.
في الختام، يظل ديوان “غربة وطن” واحدًا من الأعمال الأدبية الأكثر تأثيرًا في الشعر العربي المعاصر، وشهادات متعددة من قراء ونقاد أثبتت أن ثريا قابل كانت وما زالت واحدة من أبرز الأصوات الشعرية في الوطن العربي.